مدينة عين فكرون: إفكر أمقران ⵉⴼⴽⵔⵝ – جوهرة الأوراس حين نذكر عين فكرون، أول ما يتبادر إلى الأذهان هو اسم المناضل الشاوي الأمازيغي الكبير صالح كابري، صاحب المقولة الشهيرة: “الإنسان الأول أمازيغي”. تقع هذه المدينة في شمال ولاية أم البواقي، ويُعرف سكانها الأصليون باسم السقنية، وهم من البربر الشاوية. يحد المدينة شمالًا سيقوس، جنوبًا بوغرارة السعودي، شرقًا أم البواقي، وغربًا هنشير تومغني. تُعد عين فكرون من أقدم المناطق التي عرفت الوجود الإنساني، إذ يعود تاريخها إلى ما يزيد عن 2000 سنة قبل الميلاد، ويشهد على ذلك العديد من البقايا الصخرية والآثار المنتشرة عبر أراضيها. تحتل المدينة المرتبة الثانية في ولاية أم البواقي من حيث المساحة بعد مدينة عين البيضاء، إذ تبلغ مساحتها حوالي 262 كيلومترًا مربعًا. لمحة تاريخية عين فكرون، أو كما تُعرف محليًا بـ إفكر أمقران، تحمل إرثًا حضاريًا عريقًا. كل شارع فيها يروي حكاية، وكل حجر فيها ينبض بالتاريخ. أصول سكانها تعود إلى العرق الأمازيغي الشاوي، وكان أول من استوطنها الظوافرية ⴹⵡⴰⴼⵔⵢⵉⴰ، الذين شكلوا أكبر عرش خلال فترة الاستعمار الفرنسي، وشاركوا في مقاومة الاحتلال ضمن حروب الأوراس سنة 1836، بقيادة شخصيات بارزة مثل قرامي الحمداني والعماري قرامي. وتبرز كذلك قبيلة أيسقنين ⵉⵙⴰⴳⵏⵉⴰⵏ، التي تُعد من أكبر القبائل في ولاية أم البواقي، والتي لعبت دورًا مهمًا في مقاومة المستعمر. الآثار والتاريخ العميق من أبرز المعالم التاريخية في عين فكرون أطلال أوساليت، وهي بقايا تعود إلى العهد الروماني، وكانت تعرف بـ “ماكوميداس”. وتربط هذه المدينة بتاريخ الملك البربري العظيم شيشنق الأول، مؤسس الأسرة الثانية والعشرين في مصر، والذي وصل إلى الحكم حوالي سنة 950 قبل الميلاد. وفقًا للتوراة، دخل شيشنق القدس واستولى على كنوز الهيكل، وهو ما يوثق أولى صفحات التقويم الأمازيغي الذي يبدأ من هذا الحدث. في الحقبة الاستعمارية كانت عين فكرون تابعة لقانون البلديات قبل أن تنفصل عنه سنة 1957. سكنها في تلك الفترة طائفتان رئيسيتان: الطائفة الأوروبية التي استحوذت على مراكز المدينة العمرانية، والطائفة الأمازيغية التي استقرت في الأحياء الثانوية. ومع بداية الثورة التحريرية، نزح العديد من السكان نحو منطقة السطحة، حيث بنوا حياتهم من جديد وتكاثروا رغم التخطيط العمراني العشوائي. ورغم الفوارق، كان هناك تعايش بين المجموعتين، ما أدى إلى تطور المدينة تجاريًا، لتصبح لاحقًا واحدة من أهم مراكز التجارة في الجزائر. أصل التسمية ترتبط تسمية عين فكرون إما بشكل جبل سيدي أونيس الذي يشبه قوقعة السلحفاة، أو باسمها الأمازيغي إفكرث ⵉⴼⴽⵔⵝ، والتي تعني “الصخرة البيضاء”، نسبة إلى تكوين جيولوجي مميز، بالإضافة إلى “العين” التي تنبع من أحد جبال المدينة. الاقتصاد والتجارة تمثل عين فكرون القلب النابض للتجارة في ولاية أم البواقي، بل وتُعد من بين أهم المراكز التجارية على مستوى الجزائر. يشتهر سكانها بتجارة الملابس الجاهزة، والمفروشات، والأحذية، وهي سلع يتم استيرادها غالبًا من الإمارات والصين ودول أخرى. ومن أبرز المعالم الاقتصادية فيها سوق عين فكرون، الذي يقع على الطريق الرابط بين المدينة وعاصمة الولاية، ويُعد من أكثر الأسواق حيوية في المنطقة. موقع المدينة الجغرافي الاستراتيجي، باعتبارها نقطة عبور نحو ولاية قسنطينة، جعل منها مركزًا تجاريًا هامًا يستقطب التجار من مختلف أنحاء الوطن.