سعيد اللموشي، واسمه الحقيقي سعيد جريدي، يُعد من أعلام الغناء الفلكلوري الشاوي. وُلد سنة 1953 في قرية “ثماروت” بمدينة زوي (حاليًا) بأعالي جبال النمامشة، ولاية خنشلة بالجزائر. نشأ في بيئة ريفية بسيطة، استلهم منها عشقه للفن منذ طفولته، متأثرًا بأصوات كبار الفنانين مثل محمد الأوراسي، عيسى جرموني، بقار حدة، إبراهيم اللموشي، وعلي الخنشلي.
بدأ مسيرته الفنية وهو في الثالثة عشرة من عمره ضمن فرق الرحابة المحلية، حيث خطى أولى خطواته في عالم الغناء الشعبي. وفي رمضان سنة 1979، سافر إلى الجزائر العاصمة برفقة صديقيه صحراوي زريبة وجمال صغيري من بلدية زوي، وهناك سجّل أول شريط كاسيت، فاتحًا باب مسيرته الاحترافية.
عام 1983، بدأ يغني في الأعراس، فذاع صيته سريعًا في الأوساط الفنية، مما مكنه من تنظيم جولات فنية في مختلف ولايات الجزائر. شارك في العديد من الحفلات والأسابيع الثقافية، وكان أبرزها الأسبوع الثقافي بالجزائر العاصمة سنة 1988، كما أحيا حفلاً مميزًا في مدينة ليون الفرنسية سنة 2003.
كرّس سعيد مسيرته للحفاظ على التراث الشاوي من الاندثار، واضعًا قيمة هذا الإرث فوق أي اعتبار مادي. وخلال مشواره، سجّل 37 شريط كاسيت، منها 7 ألبومات أنجزها في استوديو النخيل بمدينة بسكرة، وتُعد جميعها من روائع الفن الشاوي الأمازيغي.
في سنة 1999، أُصيب بداء السكري الذي أثر تدريجيًا على بصره، ثم قرر في عام 2005 اعتزال الغناء لأسباب عائلية وشخصية. ورغم ابتعاده عن الأضواء، وجد في رعاية أبنائه عزاءً كبيرًا. واليوم، ما يزال سعيد اللموشي رمزًا للفن الشاوي الأصيل، ورمزًا للإبداع المخلص لتراث الأوراس والنمامشة.
ورغم معاناته الصحية، فقد حظي مؤخرًا بتكريم من وزارة الثقافة والفنون خلال مهرجان الأغنية الشاوية، وهو تكريم مستحق لفنان وهب حياته لحماية الهوية الفنية الأمازيغية الشاوية.
